A A A
الألتراس في الأهلي

** « الشباب يحتشد فى استاد التتش واللجان خالية من الشباب ».. هذا مشهد يستحق الفهم.. ولأنها ليست السياسة وحدها، فإنها الرياضة. نعم الرياضة.. أعدل ساحة عرفتها البشرية. نتائجها فورية. وسريعة ومشهودة أمام الجميع. ولالبس فيها، ولاغش، ولا ادعاء. ولاتزوير ( أحيانا قليلة يحدث الغش بالمنشطات أو بالتحكيم لكنها ليست القاعدة )، فالبطل هو الأفضل، سواء فى سباق مشى. أو سباق جرى. أوسباق سباحة. أو مباراة ملاكمة أو كرة قدم. فالقاعدة أن الأفضل والأسرع والأقوى والأكثر مهارة هو الذى يكسب.. وهذا من أعظم أسرار الرياضة.. فهى ساحة العدالة الأولى فى تاريخ البشرية. ومن هنا تقبل عليها كل الأجيال، كبار وصغار. نساء وشباب.. اضافة اعلان

** رياضيا أيضا أضيف فى تفسير احتشاد الشباب فى تدريب الأهلى هو شعور هذا الشباب أنه صاحب قرار. أو صاحب رأى مسموع فى خريطة طريق الفريق ( هذا يسير على انتخابات الأندية الرياضية ) أليس هو الذى يشجع ويدفع اللاعبين للإجادة وأليس هو هذا الجمهور الذى يحاسب اللاعبين والجهاز الفنى ولو بهتافات الغضب.. ثم إن هدف المجموع واحد. والهتاف واحد.. ولأن هذا الجمهور يشارك فى القرار، ويسعى لهدف واحد وواضح، فإنه ينتمى إلى الفريق.. إلى أى فريق..

** يقال إن الشعوب تستنفر فى حالات الحرب، وتخرج إلى الشوارع بالملايين لتأييد أو لرفض واقع سياسى ( ثورات ) كذلك تخرج بالملايين فى الانتصارات الرياضية . ويتفجر هنا الانتماء فى مباريات الكرة، باعتبار أن اللعبة هى البديل المشروع للحرب ولذلك أصبحت الأناشيد والأغانى الوطنية مرتبطة بالكرة، لأن المعارك الوطنية اختصرت فى المباريات، بعد أن اختصرت الأوطان فى فرق.. لكن شعوب العالم الآخر أيضا تحب بلادها وتنتمى إليها طوال الوقت. وهو مايعرف بحالة الانتماء الدائم. وتلك الحالة نسعى للوصول إليها.. فكيف نصل إليها ؟!

** شعوب العالم الأول يجمعها الشعور بامتلاكها لأوطانها. وهذا الشعور جعلها تشارك فى اختيارات من يدير الدولة بالنيابة عنها، وجعلها تصبر وتنتظر سنوات الإصلاح ونتائجه، بينما الشعوب التى لاتشعر بهذا الامتلاك للوطن، تتعجل دائما نتائج الإصلاح وترفض كل تضحيات هذا الإصلاح مهما كانت حتمية وضرورية، وهذا يطيل عمر النهضة وزمن النهوض..

** هذا عن الرياضة وتأثيرها. لكن لماذا شاهدنا اللجان خالية من الشباب، وكذلك خالية من الكبار ؟

** لايوجد التحدى الذى كان قبل سنوات. فهناك اطمئنان لرفض الناس لما يسمى الإسلام السياسى. وأقل عدد من الناس يمكنه أن يسجل هذا الرفض. وإذا لم يكن الرفض بقرار من الشعب، فإن مبعث الاطمئنان هو الظن بأنه سيكون بقرار من الدولة التى لن تسمح بسيطرة تيار الإسلام السياسى فى البرلمان. وهذا الظن هو ميراث سياسى عاشته مصر طوال 60 عاما..

** وهناك أسباب أخرى لعزوف الناس.. منها عدم وجود أحزاب حقيقية . وعدم وجود زعامات سياسية، وتكرار الأحزاب للغة قديمة بوجوه قديمة تعبر عن الماضى ولاعلاقة لها بالمستقبل. وهى وجوه تطرح نفس الأحلام والخيالات بنفس اللغة. وفى سياق برامج إعلانية..

** قد تكون تلك بعض الأسباب.. وقد لاتكون، لكنه مجرد اجتهاد فى تفسير ظاهرة سياسية ارتبطت بصورة غير مباشرة بحقيقة رياضية..

نقلاً عن جريدة الشروق.