A A A
خالد عبد العزيز

نحن لا نعرف الذى نريده بكل دقة ووضوح.. أصبحنا قِطَعاً من إسفنج طافية فوق ماء البحر.. لا أحد يستطيع توقع اتجاهها، أو وهل ستبقى متلاصقة أم سيفرقها الموج فى كل الزوايا.. وإذا كان هذا هو شأننا العام فى كل المجالات، فإننى هنا أتحدث عن الشأن الرياضى الذى أراه أكثر من غيره كاشفا لكل ما فينا من عيوب وتناقضات.. فعلى سبيل المثال أعجبتنا كلنا لعبة التدخل الحكومى، واستعدنا كلنا شغف وشجن مظاهرات الثورة كما رأيناها فى الأفلام القديمة: الاستقلال التام أو الموت الزؤام.. هتفنا وطالبنا باستقلال الرياضة عن الحكومة وسلطانها وقبضتها الحديدية.. فإذا بنا فجأة وعند كل أزمة نفتش عن وزير الرياضة ونطلب تدخله لحل الأزمة.. ذهب إليه بعضهم سرا، وطالبوا بحل اتحاد الكرة بعد أزمة أحمد الشيخ.. والبعض الآخر ذهب بكل جرأة يطالب الوزير بحل مجلس إدارة الأهلى، تحت دعوى أنه يستقوى بجماهيره.. وأمثلة أخرى كثيرة تفضح حكاية غرامنا المزيف بالاستقلال.. غرام هش ينكسر عند أول أزمة لتتضح الحقيقة الدائمة فى كل مرة وهى أننا أطفال نعجز عن إدارة أمورنا بأنفسنا، ولابد من مسؤول كبير هو وحده الذى يقرر ويختار.. اضافة اعلان

والمؤكد أن خالد عبدالعزيز لم يكن يريد ذلك مطلقا ولا يزال يرفضه.. فهو أول مسؤول رياضى حكومى يتنازل طائعا عن كثير من سلطاته ويرد الحقوق لأصحابها، سواء فى اللجنة الأوليمبية أو الاتحادات والأندية.. لكننا نحن الذين نرفض ذلك.. وقد كنا دائما نتهم كل وأى مسؤول رياضى حكومى بأنه لا يعرف ولا يهتم إلا بكرة القدم والأهلى والزمالك، حيث الأضواء الدائمة والساطعة.. وحين جاء خالد عبدالعزيز ورفض التدخل فى أى أزمة كروية، هاجمناه وانتقدناه وبقينا على إصرارنا بمحاصرته بأسئلة كرة القدم واتحادها وصراعات الأهلى والزمالك.. لم نتوقف مثلا أمام أكثر من سبعة آلاف شاب وفتاة ليسوا أعضاء فى أى ناد رياضى نتيجة واقعهم الاقتصادى والاجتماعى، وأصبحوا الآن يملكون حق ممارسة سبع عشرة لعبة فى مركز شباب الجزيرة فى أكثر من خمسة وثلاثين صالة وملعبا وحمام سباحة أوليمبيا أيضا.. وإذا أضفنا إلى هؤلاء الذين أتيحت لهم فرصة اللعب وبهجته، لأول مرة فى حياتهم سواء فى القاهرة الكبرى أو محافظات الصعيد والدلتا، فسندرك أننا أمام وزير يدرك أن مهمته الأولى هى إتاحة حق اللعب للجميع.. لكن المشكلة فينا نحن، حيث لا نهتم بهؤلاء الكثيرين الذين بدأوا يلعبون ويحلمون، وكل الملاعب جرى تقديمها وتوفيرها لآلاف البسطاء والمحرومين والمنسيين، ونحاصر الوزير طول الوقت بالسؤال عن أحمد الشيخ، وأزمات اتحاد الكرة والأهلى والزمالك.. فليس صحيحا أن الفراعنة يولدون، إنما يصنعهم الناس يوما بعد يوم.. ولن يفاجئنى إن تغير خالد عبدالعزيز فى يوم ما ليصبح بالفعل وزيرا للأهلى والزمالك، لأننا نحن الذين نريده كذلك.. وإن تغير خالد عبدالعزيز وتنازل عن أفكاره الرائعة واختياراته الجميلة واستسلم لمطالبنا فسنكون نحن أول من ينقلب عليه ويهاجمه وينتقده باعتباره وزيرا للأهلى والزمالك.

نقلاً عن جريدة المصري اليوم.