A A A
هاني أبوريدة

فى الفيلم القديم والجميل «سلامة فى خير».. قام الراحل والرائع نجيب الريحانى بتجسيد شخصية سلامة.. الساعى الفقير الذى اضطرته الظروف والمصادفات وكاتب السيناريو لأن يقوم بدور أمير قندهار.. ويرتبك الأمير المزيف وسط الحاشية، حيث السكرتير الأول والسكرتير الثانى.. وفى الجناح الفخم حيث الحمام الأول والحمام الثانى.. وفى لحظة غضب ينفجر الساعى والأمير المزيف صارخا فى الجميع بأنه ضاق صدره بهذا التصنيف الأول والثانى فى كل شىء.. وأنه لم يعد يهتم أو يريد إلا المحافظة على أموال الشركة التى يحملها معه كعهدة وأمانة.. وتذكرت هذا الفيلم بكل مشاهده وتعليقات أبطاله وأنا أتابع المعركة الكروية الحالية فى مصر بعد إعلان «الفيفا» وقوع المنتخب المصرى ضمن التصنيف الثانى أفريقيًّا.. معركة تعددت عناوينها وطال صراخها وانهمرت دموعها للبكاء على الكرة المصرية وضياع حلمها المونديالى بعد وقوع منتخبنا فى التصنيف الثانى وليس التصنيف الأول.. فالقصد بهذا التصنيف أصلاً كان توزيع المنتخبات الأفريقية على مجموعات تصفيات المونديال الروسى، حيث ستضم كل مجموعة خمسة منتخبات.. وكان المراد بتصنيف أول لمنتخب مصر هو أن يكون على رأس واحدة من تلك المجموعات.. وسواء كان منتخب مصر ضمن التصنيف الأول أو الثانى فالفوارق هنا ليست مؤثرة على الإطلاق.. ففى كل الأحوال لابد أن يواجه منتخب مصر منتخبات أخرى يفوز عليها ليتأهل للمونديال.. اضافة اعلان

وأن يكون المنتخب المصرى ضمن التصنيف الأول فذلك لا يضمن له التأهل، وأن يكون ضمن التصنيف الثانى فذلك لا يعنى خروجه من المونديال.. فتونس والسنغال اللتان فى التصنيف الأول ليستا أقوى فى الملعب من الكاميرون والمغرب فى التصنيف الثالث.. أو نيجيريا والكونجو فى التصنيف الثانى.. ثم إن تجاربنا المونديالية المتكررة والحزينة شاهدة على أننا غالباً ما نخسر أمام منتخبات التصنيف الرابع وأحيانا العاشر.. كما أننا لم نتأهل للمونديال ونحن نملك المنتخب المصنف تاسعا على العالم.. فحكاية التصنيف لا علاقة لها بما يجرى فى كل ملعب، حيث لا يفوز إلا الأقوى والأفضل، والذى يريد الفوز حتى إن لم يكن يستحقه.. وبالتالى لا أحد يفهم سر هذه المعركة التى دقت فجأة طبولها وكأنها مسلسل رمضانى تم تأليفه وإخراجه بسرعة لمزاحمة المسلسلات الكثيرة جدا المعروضة على شاشاتنا.. فهل باتت هذه المعركة شاهدة على ميل طبيعى وجماعى للنواح والبكاء والشكوى من كل وأى شىء.. أم هى تبرير جميل جرى تجهيزه بسرعة فى حالة إخفاقنا فى التأهل للمونديال.. أو ربما كانت معركة علنية لكن هدفها المعلن هو الخلاص من هانى أبوريدة باعتباره مشرفا على المنتخب، وفى نفس الوقت عضوا باللجنة التنفيذية للفيفا ومرشحا فى الانتخابات المقبلة؟.. فكيف لم يستغل «أبوريدة» نفوذه الدولى ليضع منتخب مصر فى التصنيف الأفريقى الأول؟.. وأنا على استعداد للاختلاف مع «أبوريدة» فى كثير من الأمور لكننى أعتذر بشدة وأرفض اعتباره متهماً فى قفص التصنيف الثانى الذى لا يعنى أى شىء فى الحقيقة.

نقلاً عن جريدة المصري اليوم.